الموسوعة الإعلامية




ناجي الزهيري

اشك ان العدالة في التشريعات والقوانين تتطلب المساوات بين كافة فئات الشعب بدون تمييز وتميز وهذا أمر يرتبط بالإستقرار الإجتماعي الذي يشعر من خلاله المواطنين بأنهم سواسية أمام القانون ،  قوانين العدالة الإنتقالية التي جاءت بعد سقوط الطاغية أخذت بعين الإعتبار تعويض المتضررين مباشرةً من النظام السابق وبالخصوص  ( الشهداء والسجناء السياسيين ) وقد استفادت اللجان المعنية بوضع القوانين من قوانين مشابهة في جنوب افريقيا والبوسنة والهرسك ودول أخرى مشابهة لتجربة العراق،

 

 ماحدث للأسف أمران أعتقد إنهما خطيران جداً وهما، 

 

أولا ً أن كمية الفساد الهائلة التي إجتاحت العراق أصابت المؤسسات التي تم تشكيلها لتطبيق قوانين ( العدالة الإنتقالية ) من حيث اصابتها بمرض المحسوبية والمنسوبية والحزبية ودخول عناصر معروفة بالمجتمع من إنها لم تكن مضطهدة ولا سياسية بل ان بعضها ساهم بإضطهاد الناس وحتى قتلهم ، وأضرب هنا مثلاً واحداً ( رشيد فليح جاسم مدير أمن الناصرية أيام الإنتفاضة الشعبانية وقد تسبب بإعدام المئات ) وهذا الشخص محسوب على السجناء السياسيين بل كرم وأصبح قائد قوات الأنبار والأمثلة كثيرة وتشمل كل العناوين المشمولة بقوانين ( العدالة الإنتقالية )،

 

الأمر الثاني ان التعويضات والإمتيازات الخيالية التي أقرتها هذه القوانين والتي شملت فئات بعينها جاءت في وقت يعاني فيه المواطن من مشاكل كبيرة لها مساس بشؤونه الحياتية من فقر وبطالة وقلة خدمات وتدهور أمني ومشاكل كثيرةٌ أخرى ، ان هذين النقطتين ولّدت شعوراً عند المواطن بالغبن وعدم الإنصاف وحتى التمييز وخلقت هوة وشرخ بين هؤلاءِ وهؤلاء وبالتأكيد ان هناك من هو مستفيد من هذه الأزمة وقد سخرها البعض لمصالح حزبية وفئوية وسعى لتأجيجها من خلال استخدام صفحات التواصل الأجتماعي وكيل الأتهامات المتبادلة بالعمالة مرة وبالتسقيط مرة أخرى وتحويل المشكلة الى عراقيي الداخل وعراقيي الخارج وهذا امر لايختلف عليه اثنان من ان هناك من يتربص ويستثمر الفرص،

 

لا شك أيضاً ان الأغلب الأعم من المطالبين بتعديل قوانين ( العدالة الإنتقالية ) أو الغائها هم عراقيون وطنيون حريصون ونواياهم سليمة ولهم مواقف كثيرة في الدفاع عن الشرائح المظلومة وأنا أعرف الكثير منهم وقد عملت مع بعضهم والإتهامات التي طالت البعض ( بالبعثية ) أو ماشابه أضعها في خانة المتصيدين في الماء العكر اللذين ذكرتهم بأنهم من يستغلون الفرص وهناك في الطرف الآخر وهدفه هو نفسه وقد يكون هو نفسه ويلعب على ( الحبلين )،

 

خلاصة الكلام، ان على المشرع العراقي إعادة النظر بكل القوانين التي شرعت بعد عام ٢٠٠٣ ومنها قوانين ( العدالة الإنتقالية ) والإمتيازات الخاصة للمسؤولين وغيرهم والأخذ بنظر الإعتبار مايمر به البلد من أزمة مالية ومايمر به المواطن من مشاكل يومية تمس حياته ومعاشه وإنصاف العراقيين عامة والشرائح المضحية من الشهداء والجرحى وأبطال الحشد الشعبي والقوات المشتركة خاصة وعدم التمييز حيث ان كل العراقيين قدموا التضحيات وعانوا ماعانوا من الإضطهاد والظلم على يد طاغية العصر وأذنابه ، ان تحقيق العدالة والإنصاف والمساواة يقر العيون ويهديء الأنفس ويعم الإستقرار وهذا ليس بمستحيل في بلدٍ يملك من الموارد مايكفي لإسعاد كافة أبناءه اذا توفرت النوايا الحسنة.


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@