الموسوعة الإعلامية




د كاظم الموسوي

تتواتر اخبار انتهاكات السلطات في البحرين بحق المواطنين كل يوم وتشهرها بعض المنظمات الدولية ولكن لا اجراءات تردعها وتنقذ المواطنين منها. فاذا كانت قضية الناشط الحقوقي نبيل رجب واحدة منها، فكل ما يجري حولها يكشف مدى الانتهاكات والأرتكابات التي تمارسها السلطات في البحرين ويتفرج عليها بصمت مريب.

الأصوات الضائعة في البرية، من منظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان، او شخصيات أوروبية عاملة في مؤسسات دولية تواكب الاحداث، تنتقد السلطات البحرينية وتطالبها بإلغاء التهم الموجهة لنبيل رجب، والإفراج الفوري عنه، خاصة وأنه يعاني من أمراض مزمنة. وكان قد حكم على نبيل رجب في 10 تموز/ يوليو 2016، بالسجن لمدة عامين، بتهمة "نشر أخبار وبيانات وشائعات كاذبة حول الوضع الداخلي في المملكة، والتي من شأنها أن تقوض هيبتها ومكانتها"؛ وأيّدت محكمة استئناف البحرين هذا الحكم، في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. كما يُحاكم رجب، الذي اعتقل في يونيو/ حزيران 2016، على تهم تتعلق بتغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد فيها دور السعودية في الحرب على اليمن، وكذلك ممارسة السلطات البحرينية التعذيب في سجن "جو" المركزي، حيث يقبع مئات المعتقلين السياسيين. 

دعت منظمة العفو الدولية للمشاركة في حملة للمطالبة بإطلاق سراح نبيل رجب من خلال إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى ملك البحرين. واشارت المنظمة إلى ضرورة مطالبة ملك البحرين بوضع حدٍ للقمع الذي تمارسه السلطات ضد الأشخاص الذين وصفتهم بالشجعان الذين يجاهرون بصوتهم دفاعاً عن حقوق الإنسان. ولفتت العفو الدولية إلى أهمية مثل هذه التحركات وما يمكن ان تساهمه في إطلاق سراح النشطاء كما حصل مع الناشطة الحقوقية البارزة ابتسام الصائغ.

وذكر معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقره لندن، أن المحكمة أرجأت وللمرة الثانية جلسة المحاكمة عن التهم الأخرى التي استمر اعتقاله عنها، والتي سميت بجلسة "التغريدات"، حتى 21 من شباط/ فبراير الحالي.

وأفادت وكالة "رويترز" بأن رجب الحقوقي البارز في البحرين، ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، والمدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الانسان، سيواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاما في جلسة "التغريدات"، وهي الاتهامات التي أسندت إليه عن مقابلات عبر وسائل إعلام أجراها عامي 2014 و2015 أكد خلالها مواقفه السياسية المعروفة، والتي لا يتخلى عنها ولا يمكنه الانكار او التغاضي.

دعا الاتحاد الأوروبي الحكومة البحرينية لإطلاق سراح المعارض، الحقوقي نبيل رجب، بما في ذلك لأسباب إنسانية؛ وذلك بعد يومين من ردّ محكمة النقض البحرينية طعن قدمه رجب على حكم بالسجن مع النفاذ لعامين بتهمة "بث أخبار كاذبة"، مفادها أن "السلطات البحرينية تعرّض السجناء السياسيين للتعذيب". وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان: "نكرر دعوتنا للحكومة البحرينية لإطلاق سراح السيد رجب، بما في ذلك لأسباب إنسانية.. وينبغي على حكومة البحرين أن تظهر التزاما بأجندة الإصلاح الخاصة بها، من خلال دعم حرية التعبير.. إن قمع أصوات المعارضة لا يسهم إلا في إثارة الاستياء وعدم الاستقرار". أضاف البيان، "يشجع الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف في البحرين على استئناف الحوار المفضي إلى المصالحة الوطنية بطريقة سلمية وبناءة".

 

مع كل هذه المناشدات والبيانات الصريحة التي تركز على الاتهامات المضحكة والحجج المفبركة قانونيا، لم تكتف السلطات في البحرين في استمرار الاعتقال والمحاكمات العسكرية، بل زادتها في مواصلتها إصدار أحكام الاعدام واسقاط الجنسية عن مواطنين، اجداد أجدادهم ولدوا في تلك الجزيرة ومنهم قبل هجرة العائلة الحاكمة إليها بعشرات الاعوام. ولم تتوقف المنظمات والمؤسسات الدولية التي تتابع ما يجري في البحرين من توجيه النقد والإدانة لما تقوم به هذه السلطات من ارتكابات معلنة وانتهاكات صارخة..

وقد كررت منظمة العفو الدولية في تقارير لها اتهامها السلطات البحرينية بتشديد حملة القمع ضد معارضيها والتراجع عن وعودها باجراء مراجعة لطريقة تعاملها مع مسالة حقوق الانسان وادخال اصلاحات عليها. وقالت المنظمة ان البحرين "ورغم المزاعم المتكررة، تراجعت عن وعود الاصلاح التي عبرت عنها بعد ردها القاسي على احداث العام 2011 (...) وقامت منذ حزيران/يونيو 2016 بتشديد حملتها ضد معارضيها".

ودعت المنظمة الحكومة في البحرين الى الافراج فورا ومن دون قيد او شرط عن المعارضين السياسيين، والعودة عن قرار حل جميعة "الوفاق" البرلمانية وجمعية "وعد" السياسية المعارضة.

تشهد البحرين حالات غضب منذ قمع حركة الاحتجاجات في شباط/فبراير 2011 ، الذي تتجدد ذكراه الان، في خضم الحراك الشعبي والنضال الجماهيري المطالب باقامة ملكية دستورية. وكثفت السلطات البحرينية في الأشهر الماضية محاكمة وملاحقة معارضيها، ونفذت في منتصف كانون الثاني/ يناير أحكاما بالاعدام رميا بالرصاص بحق ثلاثة من المعارضين بتهمة قتل ثلاثة رجال أمن بينهم ضابط إماراتي في آذار/ مارس 2014، ما أدى الى قيام تظاهرات واحتجاجات سلمية. ولم تكتف السلطات بما قامت به ضد آية الله عيسى قاسم، المواطن البحريني، بالمحاكمة والحصار والاتهامات، بل وسعته الى إسقاط الجنسية عنه والعمل على أبعاده. وبمثل هذا الإجراء توسع السلطات في المحاكمات العسكرية للمدنيين والأحكام الجائرة فيها.

واصلت السلطات إجراءاتها منذ اندلاع الحركات الاحتجاجية بملاحقة النشطاء، وتهديد النضال السياسي والشخصيات الوطنية، ولم تتوقف عنها، غالقة الكوى البسيطة للحرية وناقضة وعود الإصلاح ومستهترة بالأمن والاستقرار.

مقابل ذلك تعبر المنظمات المهتمة بالحقوق والحريات عن قلقها المتصاعد من القمع والاضطهاد الرسمي في البحرين ولاسيما القرارات التي تفرضها السلطات البحرينية على عمل الاعلام الأجنبي ورفض تجديد تراخيص عمل مراسلين أجانب. إضافة إلى أحكام الاعدام واسقاط الجنسية وكتم الاصوات والحقوق المشروعة. وهو ما يتطلب مرة أخرى التضامن الواسع مع نضال الشعب في البحرين من أجل أهدافه في إصلاح الحكم والحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية والحياة الكريمة.


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@