الموسوعة الإعلامية




عبد الحميد الصائح

أمامك فقط، وَحْدَكْ،  يَتوقفُ الكلامْ، ولم يعد الخبرُ مغرياً ولا الرأيُ مثيرأً .. أمامك وَحْدَكْ، تكون صَلاتي قائمةً وتقوايَ تامة، 

وامام دمائك انت يكونُ مجوني مبرَراً، وجنوني سفينتي للنجاة من القلق. اليوم،  أمسحُ دم جبينك، فقد تعبتَ من الموت،  اعرف والله انك تعبتَ من الموت، بلا كلمات ولامعاني، ايها الاغلى، الاعز،الابقى،  ياوهْمنا الجمعي بامتلاكك، ويا(لاشيءنا) الذي ننتظرُه دون جدوى . انت عقدتي الاولى وجدار حيلتي،

وتاريخي الذي امّنتك اياه بطفولته وتعبه ولهاثه وبكائه عليك، فرميتَه الى الكلاب .

ياعقدتي الاخيرة التي لافكاك منها،  ولااستقالة َمن الحزنِ عليك، وانت تتطلعُ الى جثثِنا، كالجريحِ يحملُ قتيلا. نسلّمّك القيامة َجيلا بعد جيل،  ونودّعك كهولا ناشفين لنستريح،لنتركك على لهيبِ خلودِك تُشوى، فينعقدَ الوداعْ،

  ايّها الوطنُ الجنائزي،  شكرأً للكلامِ القديمِ بيننا .

 شكرأ للشحوبِ الذي بقي من عناقنا،  شكرا لانكَ خنتني ايها الوطن،  فحُقّ عليك القصاص، وشكرا للدَيْن الذي برقبتي لك،  لانه الوحيد الذي أعادني بلا وعي اليك كي استعيد رفاتي .

 نلعبُ لعبة َالتشييع،  حملتنَي الى مثواي،  ووزعتُك على افواهِ الذئاب. من أينَ اتي الناسَ بالحكايا ؟

 ومن اين آتيكَ بالناس، ؟ ضاقت العبارةُ ياصديقي القديم،  ياوطني الذي تناوبتُ انا ونفسي عاما بعد عام عليه، (وأغارُ عليكَ،  أغارُ عليكَ كانّي وحدي احببتُك ياوَطنيْ) .

لا أجرؤ الآن، في هذه اللحظة،  على تسمية منطقة باسمها ولا شهيد ولاعدو ولا صديق ولا سلاح،لا أدين غيرَ الضحايا،  غير الوجودِ لانه احترق،  واشباح الاطفال المعطرين بالورد والحرائق،تلاحقنا ارواحهم ليلة الجحيم، تتفحص حَياءنا،بقايا الحياة على ثيابنا .

تمسح اسماءنا جميعا،لننشد مختنقين متفحمين معا :

سلاما عليك على رافديك عراق القيم فأنت مزارٌ وحصنٌ ودارٌ لكل الأمم .

مالذي اقوله الان،  بعد ان صدّقتُك،  ونقلتُ سرّك معي،  وتبعتُ وصيتّك،  وآمنْتُ بِكْ،  وبكيتُ لاني كرهتك،  وبكيتُ لاني أحببتك،  وبكيتُ لاني عشتٌ معك،  وبكيت لاني عشتُ بدونك،  خدَعتني والله،  وليس لي سوى ان اردّ اليك خديعتك .. نموتُ وتحيا .. وانتَ تبتسمُ شامتا، ذاتَ الابتسامة،  قبل آدم،  وانت تراقبُ بريد الوجوديحمل اشباحَنا الى العدم . ارسلّنا آباؤنا اليك فخذلتهم،  ونستودعك ابناءنا حيث لامفر منك،  ونتركك آثمين بلاخطايا،  فانت خطيئتنا المشتركة الوحيدة .

 بمحبتك ارتكبنا الكبيرة،  كتبنا الوهم،  وتدرّبنا طويلا، كيف نقولُ كي لانسمع، وكيف نكتبُ كي لانفهم، وكيفَ نُفهم كي نحترق،  فخذها،  خذها كلَّها،  خذ كل ما اعطيتَ ومعه ما جَنيتْ،  خذ خديعتنا: اننا خالدون،  وغرورنا: اننا رهانك،  كذبتَ علينا كثيراياوطني،فانتَ لم تتعرف الينا جيدا كما نعتقد،  في جِنانِ الخُلد وانت تستغيث،  وفي رعاية الله، وانت تستسلم لجنونِ عباده .

 فلماذا، لماذا تركتني اليومَ بلا وداع،  مترددا، هل أعود؟ ام أنه الحريق الوطني الاخير؟لماذا ؟اذا بقيتْ فيكَ وسادة ٌلم تحترق،  تجد تحتها صورَنا الممزقةَ معا . وشهادة َ رحيلي بدونك، واستقالتي


@*@model web.ViewModels.NavMenuVM*@